للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رَبَّهُ، لِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ الْوَارِدِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} وَلاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتَبْقَى زَوْجَتُهُ حَرَامًا عَلَيْهِ كَمَا كَانَتْ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَهَذَا قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (١) ، وَوَجْهُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي قَدْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْل أَنْ أُكَفِّرَ، فَقَال: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَال: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ، قَال: فَلاَ تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَل مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ (٢) .

فَالْحَدِيثُ وَاضِحُ الدَّلاَلَةِ عَلَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إِذَا وَطِئَ قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْوَطْءِ قَبْل التَّكْفِيرِ، وَأَنَّ زَوْجَتَهُ تَبْقَى حَرَامًا كَمَا كَانَتْ حَتَّى يُكَفِّرَ.

٢٣ - ب - إِنَّ لِلْمَرْأَةِ الْحَقَّ فِي مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنَ الْوَطْءِ حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنِ امْتَنَعَ عَنِ التَّكْفِيرِ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي، وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ


(١) الفتاوى الهندية ١ / ٤٥٦، والهداية مع فتح القدير ٣ / ٢٢٧، وحاشية الدسوقي ٢ / ٤٤٧، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٣.
(٢) منتقى الأخبار مع نيل الأوطار ٦ / ٢٧٦، ٢٧٧. وحديث ابن عباس: (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته. .) . أخرجه الترمذي (٣ / ٤٩٤) وقال: حديث حسن غريب صحيح.