للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انْعَقَدَتْ لِلْجُمُعَةِ لِوُجُودِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْخُطْبَةُ، وَالثَّانِي بَنَى تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الإِْمَامِ. وَالْخُطْبَةُ شَرْطُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْشِئُ التَّحْرِيمَةَ فِي الْجُمُعَةِ، لاَ فِي حَقِّ مَنْ يَبْنِي تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ غَيْرِهِ، بِدَلِيل أَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالإِْمَامِ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَكَذَا إِذَا اسْتَخْلَفَ الإِْمَامُ بَعْدَمَا شَرَعَ فِي الصَّلاَةِ (١) .

وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَصَرِ: أَنَّ الإِْمَام إِذَا أَحْدَثَ وَقَدَّمَ رَجُلاً لَمْ يَشْهَدِ الْخُطْبَةَ، فَأَحْدَثَ الْمُقَدَّمُ قَبْل الشُّرُوعِ لَمْ يَجُزْ لِلثَّانِي الاِسْتِخْلاَفُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِنَفْسِهِ.

١٥ - وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، أَوْ بَعْدَمَا أَحْرَمَ، فَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا فَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ، وَإِنْ خَرَجَ الإِْمَامُ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ لَمْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا، وَيَسْتَخْلِفُونَ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ، وَأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمُوا مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ، وَإِنِ اسْتَخْلَفُوا مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا أَجْزَأَتْهُمْ، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِخْلاَفُ مَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ كَالْمُسَافِرِ، وَقَال مَالِكٌ: أَكْرَهُ اسْتِخْلاَفَ مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْخُطْبَةَ (٢) .

١٦ - وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُسْتَخْلَفُ، وَفِي الْجَدِيدِ يُسْتَخْلَفُ، فَعَلَى الْقَوْل الْقَدِيمِ إِنْ أَحْدَثَ الإِْمَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْل الإِْحْرَامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ؛ لأَِنَّ الْخُطْبَتَيْنِ مَعَ الرَّكْعَتَيْنِ كَالصَّلاَةِ الْوَاحِدَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ - كَمَا لاَ يَجُوزُ فِيهِمَا - لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ الإِْحْرَامِ فَفِيهِ قَوْلاَنِ.


(١) البدائع ١ / ٢٦٥
(٢) الحطاب ٢ / ١٧٢