للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَجْعَل ثَوَابَ مَا فَعَلَهُ مِنْ عِبَادَةٍ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ فِي الْعِبَادَاتِ غَيْرِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ كَالصَّدَقَةِ، وَالدُّعَاءِ، وَالاِسْتِغْفَارِ، وَالْوَقْفِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَنْهُ، وَالْحَجِّ عَنْهُ، إِذَا فَعَلَهَا وَجَعَل ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ (١) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِْيمَانِ} (٢) وَقَوْلُهُ جَل شَأْنُهُ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (٣) وَدُعَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِكُل مَيِّتٍ صَلَّى عَلَيْهِ، وَسَأَل رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَال: نَعَمْ (٤) .

وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: لَهُ أَنْ يَجْعَل ثَوَابَ عِبَادَتِهِ لِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ صَحَّتْ فِيهَا النِّيَابَةُ، أَمْ لَمْ تَصِحَّ فِيهَا، كَالصَّلاَةِ، وَالتِّلاَوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لاَ تَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ،


(١) المغني ٢ / ٥٦٧ - ٥٦٨، ابن عابدين ١ / ٦٠٥، ٢ / ٢٣٦، نهاية المحتاج ٦ / ٩٢، مغني المحتاج ٣ / ٩٦، القليوبي ٣ / ١٧٥.
(٢) سورة الحشر / ١٠.
(٣) سورة محمد / ١٩.
(٤) حديث: " سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن أمي ماتت. . . ". أخرجه أبو داود (٣ / ٣٠١) من حديث ابن عباس، والترمذي (٣ / ٤٨) . قال الترمذي: " هذا حديث حسن ".