للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (١) وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (٢) .

وَفَصَّل بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَالزَّرْكَشِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ رَجَبٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ فَقَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْعِبَادَةُ مَشْرُوعَةً فِي نَفْسِهَا وَعَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ كُل آيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ تَجِبُ قِرَاءَتُهَا بِنَفْسِهَا (٣) ، كَمَنِ انْتَهَى فِي الْكَفَّارَةِ إِلَى الإِْطْعَامِ، فَقَدَرَ عَلَى إِطْعَامِ ثَلاَثِينَ، فَيَتَعَيَّنُ إِطْعَامُهُمْ (٤) . وَكَذَا لَوْ وُجِدَ بَعْضُ الصَّاعِ مِنَ الْفِطْرَةِ لَزِمَهُ إِخْرَاجُهُ فِي الأَْصَحِّ (٥) .

وَإِنْ كَانَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي الْعِبَادَةِ، بَل هُوَ وَسِيلَةٌ مَحْضَةٌ إِلَيْهَا، كَتَحْرِيكِ اللِّسَانِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَإِمْرَارِ الْمُوسَى فِي الْحَلْقِ وَالْخِتَانِ، فَهَذَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا وَجَبَ ضَرُورَةَ الْقِرَاءَةِ وَالْحَلْقِ وَالْقَطْعِ، وَقَدْ سَقَطَ


(١) سورة البقرة / ٢٨٦.
(٢) حديث: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١٣ / ٢٥١) ومسلم (٢ / ٩٧٥) من حديث أبي هريرة.
(٣) المنثور ١ / ٢٢٧ - ٢٢٨، والقواعد لابن رجب ص ١١.
(٤) المنثور ١ / ٢٢٨.
(٥) المنثور ١ / ٢٢٩.