للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ صَحِيحٌ مَعْنًى، وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُمْ نَهَوْا عَنْ كُل قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ. وَلأَِنَّ عَقْدَ الاِسْتِدَانَةِ عَقْدُ إِرْفَاقٍ وَقُرْبَةٍ، وَاشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ لِلدَّائِنِ إِخْرَاجٌ لَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ، وَهُوَ شَرْطٌ لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلاَ يُلاَئِمُهُ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ كَثِيرًا مِنَ التَّطْبِيقَاتِ الْعَمَلِيَّةِ عَلَى الْقَرْضِ الَّذِي يَجُرُّ نَفْعًا لِلدَّائِنِ (١) . وَمِنْ ذَلِكَ:

أَنْ يَشْتَرِطَ الدَّائِنُ أَنْ يَرُدَّ لَهُ الْمَدِينُ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ، أَوْ أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ، وَهَذَا هُوَ الرِّبَا بِعَيْنِهِ (ر: رِبا) . وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ الدَّائِنِ عَلَى الْمَدِينِ أَنْ يُعْطِيَهُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ، أَوْ كَفِيلاً ضَمَانًا لِدَيْنِهِ؛ لأَِنَّ هَذَا شَرْطٌ يُلاَئِمُ الْعَقْدَ كَمَا سَيَأْتِي.

أَمَّا إِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي حَصَل عَلَيْهَا الدَّائِنُ مِنَ الْمَدِينِ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ (٢) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَقَتَادَةَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.


(١) فتح القدير ٤ / ٤٥٢، وأسنى المطالب ٢ / ١٤٢
(٢) المغني ٤ / ٣٢١، وتحفة المحتاج ٥ / ٤٧، وأسهل المدارك ٢ / ٢١٨، وابن عابدين ٤ / ٢٩٥