للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُول الْكَاسَانِيُّ: وَلأَِنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ قَائِمٌ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَبَعْدَ الثَّلاَثِ وَالْبَائِنِ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ حَال قِيَامِ الْعِدَّةِ، لِقِيَامِ بَعْضِ الآْثَارِ، وَالثَّابِتُ مِنْ وَجْهٍ كَالثَّابِتِ مِنْ كُل وَجْهٍ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ احْتِيَاطًا، وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّلاَقُ ثَلاَثًا لأَِنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّزَوُّجِ لِلأَْجَانِبِ لاَ لِلأَْزْوَاجِ؛ لأَِنَّ عِدَّةَ الطَّلاَقِ إِنَّمَا لَزِمَتْهَا حَقًّا لِلزَّوْجِ، لِكَوْنِهَا بَاقِيَةً عَلَى حُكْمِ نِكَاحِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَهَذَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ التَّحْرِيمِ عَلَى الأَْجْنَبِيِّ لاَ عَلَى الزَّوْجِ إِذْ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ حَقَّهُ (١) .

وَفِي الْمُوَطَّأِ: أَنَّ طُلَيْحَةَ الأَْسْدِيَةَ كَانَتْ زَوْجَةَ رَشِيدٍ الثَّقَفِيِّ وَطَلَّقَهَا، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِخَفْقَةِ ضَرَبَاتٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَال عُمَرُ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُل بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأَْوَّل، ثُمَّ إِنْ شَاءَ كَانَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَإِنْ كَانَ دَخَل بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الأَْوَّل، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الآْخَرِ، ثُمَّ لاَ يَنْكِحُهَا أَبَدًا (٢) .


(١) البدائع ٣ / ٢٠٤.
(٢) الفواكه الدواني ٢ / ٣٤.