للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَشْرُوطَةٌ مَعْنًى؛ لأَِنَّ مُوَلِّيَهُ اعْتَمَدَهَا فَيَزُول بِزَوَالِهِ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْبَحْرِ أَنَّ الْفَتْوَى: أَنَّهُ لاَ يَنْعَزِل بِالرِّدَّةِ أَيْضًا فَإِنَّ الْكُفْرَ لاَ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (١) .

وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ هَل يَنْعَزِل الْقَاضِي بِفِسْقِهِ أَوْ حَتَّى يَعْزِلَهُ الإِْمَامُ؟

قَال الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ عَدَمِ عَزْلِهِ، وَهُوَ قَوْل أَصْبَغَ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَصَّارِ: أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ بَعْدَ وِلاَيَتِهِ انْفَسَخَ عَقْدُ وِلاَيَتِهِ (٢) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا فَقَدَ الْقَاضِي شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ كَأَنْ جُنَّ أَوْ عَمِيَ أَوْ خَرِسَ انْعَزَل بِذَلِكَ وَلَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، وَإِذَا عَزَل الإِْمَامُ الْقَاضِيَ بِنَحْوِ كَثْرَةِ الشَّكْوَى مَثَلاً فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لاَ يَنْعَزِل قَبْل أَنْ يَبْلُغَهُ خَبَرُ الْعَزْل لِعِظَمِ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ أَقْضِيَتِهِ (٣) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَا يَمْنَعُ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ ابْتِدَاءً يَمْنَعُهَا دَوَامًا إِذَا طَرَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِفِسْقٍ أَوْ زَوَال عَقْلٍ، فَيَنْعَزِل بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ وُجُودَ الْعَقْل وَالْعَدَالَةِ وَنَحْوِهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ


(١) ابن عابدين ٤ / ٣٠٤، والفتاوى الهندية ٣ / ٣١٦.
(٢) التبصرة ١ / ٦٢.
(٣) روضة الطالبين ١١ / ١٢٥ - ١٢٦، مغني المحتاج ٤ / ٣٨٠ - ٣٨٢.