للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِثْل مَا يَأْخُذُهُ الْحَرْبِيُّونَ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنَّا الْعُشْرَ أَخَذْنَا مِنْ تُجَّارِهِمُ الْعُشْرَ، وَإِنْ أَخَذُوا نِصْفَ الْعُشْرِ أَخَذْنَا مِنْ تُجَّارِهِمْ مِثْل ذَلِكَ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لأَِبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ: خُذْ أَنْتَ مِنْهُمْ كَمَا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا؛ وَلأَِنَّ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الْمُخَالَطَةِ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ فَيَرَوْا مَحَاسِنَ الإِْسْلاَمِ فَيَدْعُوهُمْ ذَلِكَ إِلَى الإِْسْلاَمِ، وَفِي حَالَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِهِمُ الْعُشْرُ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ تُجَّارِ أَهْل الْحَرْبِ وَأَهْل الذِّمَّةِ فِي الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ إِذَا مَرُّوا بِتِجَارَةٍ عَلَى الْعَاشِرِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ وَنِصْفُ الْعُشْرِ إِذَا جَلَبُوا الطَّعَامَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، لَكِنَّهُمْ أَجَازُوا بِالنِّسْبَةِ لِتُجَّارِ أَهْل الْحَرْبِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنَ الْعُشْرِ إِنِ اشْتُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ (٢) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَهُوَ قَوْل ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ تَقْدِيرَ الْعُشُورِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ التَّاجِرِ الْحَرْبِيِّ مَتْرُوكٌ إِلَى اجْتِهَادِ الإِْمَامِ حَسَبَ مَا تَقْضِي بِهِ


(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٣١٤.
(٢) بلغة السالك ١ / ٣٧١.