للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرْعِ وَالتَّكْلِيفِ بِهِ، وَالْمَفْرُوضُ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ، فَلاَ مَجَال لِبَحْثِ الْمَعْصِيَةِ أَوْ عَدَمِهَا؛ لأَِنَّ الذِّمَّةَ خَالِيَةٌ مِنَ التَّكْلِيفِ، لَكِنَّ عُلُوَّ فِطْرَةِ الرَّسُول وَصَفَاءَ نَفْسِهِ وَسُمُوَّ رُوحِهِ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أُنْمُوذَجًا رَفِيعًا بَيْنَ قَوْمِهِ، فِي أَخْلاَقِهِ وَمُعَامَلاَتِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَفِي بُعْدِهِ عَنِ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ الَّتِي تَنْفِرُ عَنْهَا الْعُقُول السَّلِيمَةُ، وَالطَّبَائِعُ الْمُسْتَقِيمَةُ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْل اصْطِفَائِهِ قَدْ كُلِّفَ بِشَرْعِ رَسُولٍ سَابِقٍ، كَلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ كَانَ تَابِعًا قَبْل نُبُوَّتِهِ لإِِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَأَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ بَعْدِ مُوسَى قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَثْبُتْ فِي عِصْمَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ، وَلَكِنَّ سِيرَةَ الأَْنْبِيَاءِ الَّتِي أُثِرَتْ عَنْهُمْ قَبْل نُبُوَّتِهِمْ تَشْهَدُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْمَعَاصِي: كَبَائِرِهَا وَصَغَائِرِهَا (١) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نَبِيّ) .

٤ - وَالْعِصْمَةُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي: وَهِيَ الَّتِي يَثْبُتُ لِلإِْنْسَانِ وَمَالِهِ بِهَا قِيمَةٌ، بِحَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ هَتَكَهَا، فَهَذِهِ تَثْبُتُ لِلإِْنْسَانِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَمَنْ نَطَقَ بِهِمَا عُصِمَ دَمُهُ وَمَالُهُ (٢) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا قَالُوا


(١) شرح جوهرة التوحيد للبيجوري، والشفاء للقاضي عياض ٢ / ٧٩٣ وما بعدها.
(٢) ابن عابدين ٣ / ٢٣٣، والقليوبي ٤ / ٢٢٠ - ٢٢١.