للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيَكُونُ الْبِنَاءُ لِهَذَا، وَالأَْرْضُ لِهَذَا؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَلَهُ أَلاَّ يَسْتَوْفِيَهُ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ، أَوْ تَرْكِهِ بِأُجْرَتِهِ، أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ، مَا لَمْ يُقْلِعْهُ مَالِكُهُ. وَمِثْل ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الأَْرْضِ شَرَطَ الْقَلْعَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يُعْمَل بِشَرْطِهِ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يُجْبَرُ صَاحِبُ الْغَرْسِ عَلَى الْقَلْعِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَيَجُوزُ لِرَبِّ الأَْرْضِ كِرَاؤُهَا لَهُ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً (١) ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّرَاعَةِ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرَكْ، فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَسْتَرِدَّ أَرْضَهُ، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ الزَّرْعَ عَلَى حَالِهِ إِلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ، وَيَكُونُ لِلْمَالِكِ أَجْرُ الْمِثْل؛ لأَِنَّ لِلزَّرْعِ نِهَايَةً مَعْلُومَةً، فَأَمْكَنَ رِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ.

وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. غَيْرَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يُقَيِّدُونَ ذَلِكَ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ أُجْبِرَ عَلَى الْقَلْعِ. وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الزَّرْعِ الْمُطْلَقِ، أَيِ الَّذِي لَمْ يُحَدَّدْ نَوْعُهُ، فَيَكُونُ لِلْمَالِكِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِنَقْلِهِ. وَأَمَّا فِي الزَّرْعِ الْمُعَيَّنِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ بِالْقَلْعِ، فَلَهُ جَبْرُ صَاحِبِ الزَّرْعِ عَلَى قَلْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَرْطٌ فَقَوْلاَنِ: بِالْجَبْرِ وَعَدَمِهِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ إِلَى الْحَصَادِ (٢) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (إِجَارَة) .


(١) الهداية ٣ / ٢٣٥، والزيلعي ٥ / ١١٤، ١١٥، ومنتهى الإرادات ٢ / ٣٨١، والمهذب ١ / ٤١١، ومنح الجليل ٣ / ٨١٨
(٢) البدائع ٤ / ٢٢٣، ومنتهى الإرادات ٢ / ٣٨٢، والمهذب ١ / ٤١١،٤١٠، وجواهر الإكليل ٢ / ١٩٧