للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَل إِلَى الْحَاكِمِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ.

وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَيْ: (حَدّ وَتَعْزِير) .

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقَذْفِ.

وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسُّكْرِ وَالسَّرِقَةِ لاَ يَحْتَمِل الْعَفْوَ أَوِ الصُّلْحَ أَوِ الإِْبْرَاءَ بَعْدَمَا ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ؛ لأَِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، لاَ حَقَّ لِلْعَبْدِ فِيهِ فَلاَ يَمْلِكُ إِسْقَاطَهُ، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ إِذَا ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ فَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ أَوِ الإِْبْرَاءُ أَوِ الصُّلْحُ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَفَا الْمَقْذُوفُ قَبْل الْمُرَافَعَةِ أَوْ صَالَحَ عَلَى مَالٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَيَرُدُّ بَدَل الصُّلْحِ (١) .

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا قَال أَصْبَغُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُول: لاَ يَجُوزُ عَفْوُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الإِْمَامَ إِلاَّ ابْنٌ فِي أَبِيهِ وَالَّذِي يُرِيدُ سَتْرًا، وَقَدْ قَال مَالِكٌ: إِذَا زَعَمَ الْمَقْذُوفُ أَنَّهُ يُرِيدُ سَتْرًا فَعَفَا إِنْ بَلَغَ الإِْمَامَ لَمْ يُقْبَل ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَل عَنْهُ سِرًّا، فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يُثْبِتَ الْقَاذِفُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَجَازَ عَفْوَهُ، وَإِنْ أُمِنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ عَفْوُهُ (٢) ،


(١) بدائع الصنائع ٩ / ٤٢٠١، ٤٢٠٣.
(٢) المنتقى للباجي ٧ / ١٤٦ - ١٤٨، ١٦٤، ١٦٥، وتهذيب الفروق ٤ / ٢٠٤ - ٢٠٨، والفواكه الدواني ٢ / ٢٩٥.