للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَلَى عُقْدَةِ النِّكَاحِ فِي زَمَانِ الْعِدَّةِ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ الْعَقْدُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ:

أ - الْمَعْنَى الْعَامُّ، وَهُوَ كُل مَا يَعْقِدُهُ (يَعْزِمُهُ) الشَّخْصُ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ، أَوْ يَعْقِدَ عَلَى غَيْرِهِ فِعْلَهُ عَلَى وَجْهِ إِلْزَامِهِ إِيَّاهُ، كَمَا يَقُول الْجَصَّاصُ (٢) ، وَعَلَى ذَلِكَ فَيُسَمَّى الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَسَائِرُ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ عُقُودًا؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْ طَرَفَيِ الْعَقْدِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْوَفَاءَ بِهِ، وَسُمِّيَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل عَقْدًا؛ لأَِنَّ الْحَالِفَ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْوَفَاءَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنَ الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ، وَكَذَلِكَ الْعَهْدُ وَالأَْمَانُ؛ لأَِنَّ مُعْطِيَهَا قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْوَفَاءَ بِهَا، وَكَذَا كُل مَا شَرَطَ الإِْنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يَفْعَلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل فَهُوَ عَقْدٌ، وَكَذَلِكَ النُّذُورُ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ (٣) .

وَمِنْ هَذَا الإِْطْلاَقِ الْعَامِّ قَوْل الأَْلُوسِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} حَيْثُ قَال: الْمُرَادُ بِهَا يَعُمُّ جَمِيعَ مَا أَلْزَمَ اللَّهُ عِبَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِمْ مِنَ التَّكَالِيفِ وَالأَْحْكَامِ الدِّينِيَّةِ وَمَا يَعْقِدُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ عُقُودِ الأَْمَانَاتِ وَالْمُعَامَلاَتِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ (٤) .


(١) تفسير القرطبي ٣ / ١٩٢.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٢٩٤، ٢٩٥.
(٣) المرجع السابق.
(٤) تفسير روح المعاني ٦ / ٤٨.