للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَبُول أَنْ لاَ يَصْدُرَ مِنَ الْمُوجِبِ أَوِ الطَّرَفِ الآْخَرِ أَوْ كِلَيْهِمَا مَا يَدُل عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْكَلاَمُ فِي مَوْضُوعِ الْعَقْدِ، وَلاَ يَتَخَلَّلَهُ فَصْلٌ يُعَدُّ قَرِينَةً عَلَى الاِنْصِرَافِ عَنِ الْعَقْدِ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْبَحْرِ: الإِْيجَابُ يَبْطُل بِمَا يَدُل عَلَى الإِْعْرَاضِ (١) .

وَقَال الْحَطَّابُ: لَوْ حَصَل فَاصِلٌ يَقْتَضِي الإِْعْرَاضَ عَمَّا كَانَا فِيهِ حَتَّى لاَ يَكُونَ كَلاَمُهُ جَوَابًا لِلْكَلاَمِ السَّابِقِ فِي الْعُرْفِ لَمْ يَنْعَقِدِ الْبَيْعُ، وَمَثَّل لِلإِْعْرَاضِ بِقَوْلِهِ: إِذَا أَمْسَكَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ الَّتِي نَادَى عَلَيْهَا وَبَاعَ بَعْدَهَا أُخْرَى لَمْ يَلْزَمِ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ (٢) .

وَشَدَّدَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لاَ يَتَخَلَّل الإِْيجَابَ وَالْقَبُول لَفْظٌ لاَ تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ يَسِيرًا (٣) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي مَعْرِضِ شُرُوطِ الاِنْعِقَادِ: أَنْ لاَ يَتَشَاغَلاَ بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا، وَإِلاَّ فَلاَ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ إِعْرَاضٌ عَنِ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَا بِالرَّدِّ (٤) .

وَأَسَاسُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُعْتَبَرُ إِقْبَالاً عَلَى


(١) ابن عابدين ٤ / ٢٠.
(٢) مواهب الجليل ٤ / ٢٤٠، ٢٤١.
(٣) نهاية المحتاج ٣ / ٢٦٩، ٢٧٠.
(٤) كشاف القناع ٣ / ١٤٧، ١٤٨.