للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ بَاعَ مِنْ غَائِبٍ، كَبِعْتُ دَارِيَ مِنْ فُلاَنٍ وَهُوَ غَائِبٌ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ قَال: قَبِلْت انْعَقَدَ الْبَيْعُ، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ (١) .

وَقَال الْبُهُوتِيُّ: وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ، فَكَاتَبَهُ الْبَائِعُ أَوْ رَاسَلَهُ: إِنِّي بِعْتُك دَارِيَ بِكَذَا، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ قَبِل الْبَيْعَ صَحَّ الْعَقْدُ (٢) .

وَحَيْثُ إِنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ فِي حَالَةِ التَّعَاقُدِ بَيْنَ الْغَائِبَيْنِ هُوَ مَجْلِسُ الْقَبُول كَمَا قُلْنَا، فَالْمُعْتَبَرُ فِي اتِّصَال الْقَبُول بِالإِْيجَابِ هُوَ هَذَا الْمَجْلِسُ، فَإِذَا وَصَل الإِْيجَابُ إِلَى الْمُخَاطَبِ، فَكَأَنَّ الْمُوجِبَ حَضَرَ بِنَفْسِهِ وَأَوْجَبَ الْعَقْدَ، فَإِذَا قَبِلَهُ الْمُخَاطَبُ فِي مَجْلِسِهِ دُونَ إِعْرَاضٍ انْعَقَدَ الْعَقْدُ، وَإِذَا انْفَضَّ الْمَجْلِسُ أَوْ صَدَرَ مِمَّنْ وُجِّهَ لَهُ الإِْيجَابُ مَا يَدُل عَلَى إِعْرَاضِهِ عَنِ الْقَبُول عُرْفًا لاَ يَنْعَقِدُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّرَاخِي هُوَ مَا بَيْنَ وُصُول الإِْيجَابِ وَصُدُورِ الْقَبُول فِي هَذَا الْمَجْلِسِ.

وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي حَالَةِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْغَائِبَيْنِ عِلْمُ الْمُوجِبِ بِقَبُول الْقَابِل، فَعِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ صَرِيحَةٌ بِأَنَّ الْعَقْدَ يَحْصُل بِمُجَرَّدِ قَبُول الْقَابِل فِي الْمَجْلِسِ (٣)


(١) نهاية المحتاج ٣ / ٣٦٩.
(٢) كشاف القناع ٣ / ١٤٨.
(٣) فتح القدير ٥ / ٨١ وما بعدها، وبدائع الصنائع ٥ / ١٣٨، ونهاية المحتاج ٣ / ٣٩٦، وكشاف القناع ٣ / ١٤٨.