للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَهُمْ، وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. (١)

وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُل أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يَثِبْ مِنْهَا أَيْ لَمْ يُعَوِّضْ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ عِوَضٌ مَعْنًى؛ لأَِنَّ التَّوَاصُل سَبَبُ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الآْخِرَةِ، فَكَانَ أَقْوَى مِنَ الْمَال (٢) .

وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ إِذَا تَمَّ وَلَزِمَ، لاَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَال: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ قَطُّ مَالاً أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهَا؟ فَقَال: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلاَ يُبْتَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ (٣) .

وَالْخَمْرُ لاَ تُسْتَرَدُّ؛ لِحُرْمَةِ تَمَلُّكِهَا لِلْمُسْلِمِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا إِنْ غُصِبَتْ مِنْهُ، وَيَجِبُ إِرَاقَتُهَا؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، فَأَمَرَ بِإِرَاقَتِهَا (٤) .


(١) حديث " لا يحل لرجل. . . . "، أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر وابن عباس وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه (تحفة الأحوذي ٦ / ٣٣٣ نشر محمد عبد المحسن الكتبي ط مطبعة الفجالة بمصر) .
(٢) البدائع ٦ / ١٣٢، والمغني ٥ / ٦٨٢ و٦٨٣، والحطاب ٦ / ٦٤، والمهذب ١ / ٤٥٤
(٣) الكافي ٢ / ١٠١٢، والمغني ٥ / ٦٠٠، وابن عابدين ٣ / ٣٦١، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٨٥
(٤) منح الجليل ٣ / ٥١٩، والمغني ٥ / ٢٩٩، ومغني المحتاج ٢ / ٢٨٥، وابن عابدين ٥ / ١٣٧. وحديث " أمر أبا طلحة. . . " أخرجه أبو داود مطولا (عون المعبود ٣ / ٣٦٧ ط المطبعة الأنصارية) وأخرجه بالإسناد نفسه مسلم في صحيحه مختصرا (٣ / ١٥٧٣ ط عيسى الحلبي) .