للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى الْغَرِيمِ قَضَاءً عَنْ دَيْنِ الْغَارِمِ فَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ ذَلِكَ، قَال أَبُو الْحَارِثِ: قُلْتُ لأَِحْمَدَ: رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَكَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، فَأَدَّاهَا عَنْ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُجْزِئُ هَذَا عَنْ زَكَاتِهِ؟ قَال: نَعَمْ لاَ أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ،

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لاَ يَجُوزُ دَفْعُهُ إِلَى الْغَرِيمِ، قَال أَحْمَدُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقِيضَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ، قِيل: هُوَ مُحْتَاجٌ يَخَافُ إِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلاَ يَقْضِيَ دَيْنَهُ، قَال فَلْيُوَكِّل الْغَارِمُ الْمُزَكِّيَ لِيَقْضِيَ عَنْهُ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُزَكِّيَ لاَ يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إِلَى الْغَرِيمِ إِلاَّ بِوَكَالَةِ الْغَارِمِ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْغَارِمِ، فَلاَ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ عَنْهُ إِلاَّ بِتَوْكِيلِهِ أَوْ إِذْنِهِ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُحْتَمَل أَنْ يُحْمَل هَذَا عَلَى الاِسْتِحْبَابِ، وَيَكُونُ قَضَاؤُهُ عَنْهُ جَائِزًا، وَإِنْ كَانَ دَافِعُ الزَّكَاةِ الإِْمَامَ جَازَ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهِ؛ لأَِنَّ لِلإِْمَامِ وِلاَيَةً عَلَيْهِ فِي إِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلِهَذَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ إِنِ امْتَنَعَ مِنْهُ (١) .


(١) المغني ٦ / ٤٣٣ - ٤٣٤ بتصرف بسيط.