للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يَغْتَسِل بِمَاءٍ وَسِدْرٍ (١) ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ جَنَابَةٍ، فَأُقِيمَتِ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ كَالنَّوْمِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْكَافِرِ الأَْصْلِيِّ وَالْمُرْتَدِّ، فَيَجِبُ الْغُسْل عَلَى الْمُرْتَدِّ أَيْضًا إِذَا أَسْلَمَ.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِصِحَّةِ الْغُسْل قَبْل النُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ إِذَا أَجْمَعَ بِقَلْبِهِ عَلَى الإِْسْلاَمِ؛ لأَِنَّ إِسْلاَمَهُ بِقَلْبِهِ إِسْلاَمٌ حَقِيقِيٌّ مَتَى عَزَمَ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إِبَاءٍ، لأَِنَّ النُّطْقَ لَيْسَ رُكْنًا مِنَ الإِْيمَانِ وَلاَ شَرْطَ صِحَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالُوا: لَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ أَوِ الطَّهَارَةَ أَوِ الإِْسْلاَمَ كَفَاهُ؛ لأَِنَّ نِيَّتَهُ الطُّهْرُ مِنْ كُل مَا كَانَ فِي حَال كُفْرِهِ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَسَوَاءٌ وُجِدَ مِنْهُ فِي كُفْرِهِ مَا يُوجِبُ الْغُسْل مِنْ نَحْوِ جِمَاعٍ أَوْ إِنْزَالٍ أَوْ لاَ، وَسَوَاءٌ اغْتَسَل قَبْل إِسْلاَمِهِ أَوْ لاَ، فَيَكْفِيهِ غُسْل الإِْسْلاَمِ، سَوَاءٌ نَوَى الْكُل أَوْ نَوَى غُسْل الإِْسْلاَمِ إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ أَلاَّ يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ. لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِل. وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحَال لَوَجَبَ الاِسْتِفْصَال، وَوَقْتُ وُجُوبِ الْغُسْل إِذَا أَسْلَمَ، أَيْ بَعْدَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (٣) .


(١) " حديث قيس بن عاصم أنه أسلم. . . ". أخرجه الترمذي (٢ / ٥٠٣) وقال: حديث حسن.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١ / ١٣٠ - ١٣١.
(٣) كشاف القناع ١ / ١٤٥.