للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَارْتِكَابُ الْمَعْصِيَةِ عَمْدًا مُوجِبٌ لِلْمُؤَاخَذَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَْرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ (١)

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (٢) بِأَنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ غَاصِبٌ مُمَيَّزٌ، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا؛ رِعَايَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ؛ لِدَفْعِ الْفَسَادِ وَإِصْلاَحِ حَالِهِ وَزَجْرًا لَهُ وَلأَِمْثَالِهِ.

أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ، مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ، فَلاَ يُعَزَّرُ.

فَإِنْ حَدَثَ الْغَصْبُ وَالشَّخْصُ جَاهِلٌ بِكَوْنِ الْمَال لِغَيْرِهِ، بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّيْءَ مِلْكُهُ فَلاَ إِثْمَ وَلاَ مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ خَطَأٌ لاَ مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِ شَرْعًا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (٣) ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً، وَالْغُرْمُ إِذَا صَارَتْ هَالِكَةً.


(١) حديث: " من ظلم قيد شبر من أرض طوقه. . . ". تقدم ف ١٠.
(٢) الشرح الكبير ٢ / ٤٤٢، الشرح الصغير ٣ / ٥٨٣، القوانين الفقهية ص ٣٣٠، ومغني المحتاج ٤ / ٢٧٧.
(٣) حديث: " إن الله تجاوز عن أمتي. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٥٩) من حديث أبي ذر الغفاري، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (١ / ٣٥٣) .