للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا إِنْ جَهِل الْوَاضِعُ يَدَهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ بِالْغَصْبِ، وَكَانَتْ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ بِلاَ اتِّهَابٍ، كَوَدِيعٍ وَشَرِيكٍ مُضَارِبٍ، فَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ الآْخِذِ؛ لأَِنَّهُ تَعَامَل مَعَ الْغَاصِبِ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فِي الأَْظْهَرِ؛ لأَِنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ بَل يَدَ أَمَانَةٍ، إِلاَّ أَنَّ أَخْذَهُ الشَّيْءَ لِلتَّمَلُّكِ. (١)

وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ فِي الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ حَرَامٌ وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ، لِحَدِيثِ: مَنْ عَمِل عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ (٢) أَيْ مَرْدُودٌ، وَتَكُونُ الأَْرْبَاحُ لِلْمَالِكِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّ الشَّخْصَيْنِ شَاءَ: الْغَاصِبِ أَوِ الْمُتَصَرِّفِ لَهُ؛ لأَِنَّ الْغَاصِبَ حَال بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مِلْكِهِ وَأَثْبَتَ الْيَدَ الْعَادِيَةَ (الضَّامِنَةَ) عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُتَصَرِّفُ لَهُ فَلأَِنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مِلْكٍ مَعْصُومٍ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ لَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُتَصَرِّفُ لَهُ بِالْغَصْبِ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ،


(١) مغني المحتاج ٢ / ٢٧٩، السراج الوهاج ص٢٦٧.
(٢) حديث: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٣٠١) ومسلم (٣ / ١٣٤٤) من حديث عائشة، واللفظ لمسلم.