للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِالْمَال (١) . وَيَقُول ابْنُ كَثِيرٍ: حُبُّ الْمَال تَارَةً يَكُونُ لِلْفَخْرِ وَالْخُيَلاَءِ، وَالتَّكَبُّرِ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وَالتَّجَبُّرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَهَذَا مَذْمُومٌ، وَتَارَةً يَكُونُ لِلنَّفَقَةِ فِي الْقُرُبَاتِ وَصِلَةِ الأَْرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ، وَوُجُوهِ الْبِرِّ وَالطَّاعَاتِ، فَهَذَا مَمْدُوحٌ مَحْمُودٌ شَرْعًا (٢) .

٩ - وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى، فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْغِنَى أَفْضَل، قَالُوا: لأَِنَّ الْغَنِيَّ يَقْدِرُ عَلَى أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا الْفَقِيرُ، كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ (٣) ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْغِنَى نِعْمَةٌ، وَالْفَقْرَ بُؤْسٌ وَنِقْمَةٌ وَمِحْنَةٌ، وَلاَ يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ أَنَّ النِّعْمَةَ أَفْضَل مِنَ النِّقْمَةِ وَالْمِحْنَةِ، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَال فَضْلاً، فَقَال عَزَّ وَجَل: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّهِ} (٤) وَقَال تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} (٥) ، وَمَا هُوَ فَضْل اللَّهِ فَهُوَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَال خَيْرًا، فَقَال تَعَالَى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ} (٦) ، وَهَذَا


(١) القوانين الفقهية ص ٤٢٧ - ٤٢٨ ط دار الكتاب العربي.
(٢) مختصر ابن كثير ١ / ٢٧٠.
(٣) القوانين الفقهية ص٤٢٧ - ٤٢٨.
(٤) سورة الجمعة / ١٠.
(٥) سورة البقرة / ١٩٨.
(٦) سورة البقرة / ١٨٠.