للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وُجُودِ إِصَابَةِ الْقِوَامِ أَوِ السِّدَادِ؛ وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْفَقْرُ، وَالْغِنَى ضِدُّهَا، فَمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَهُوَ فَقِيرٌ يَدْخُل فِي عُمُومِ النَّصِّ، وَمَنِ اسْتَغْنَى دَخَل فِي عُمُومِ النُّصُوصِ الْمُحَرِّمَةِ لِلسُّؤَال.

وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْغَنِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سُؤَال الصَّدَقَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي تَقْدِيرِ الْغِنَى الَّذِي يَحْرُمُ مَعَهُ السُّؤَال (١) .

يَقُول الْكَاسَانِيُّ: الْغِنَى الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ السُّؤَال هُوَ: أَنْ يَكُونَ لِلإِْنْسَانِ سِدَادُ عَيْشٍ، بِأَنْ كَانَ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ (٢) ، لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: مَنْ سَأَل وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَال: قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ (٣)

وَذَكَرَ الْحَطَّابُ نَقْلاً عَنْ التَّمْهِيدِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَأَل وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَقَدْ أَلْحَفَ (٤) الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ السُّؤَال مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ


(١) المغني ٢ / ٦٦٢.
(٢) بدائع الصنائع ٢ / ٤٩.
(٣) حديث: " من سأل وعنده ما يغنيه. . . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٢٨١) من حديث سهل بن الحنظلية.
(٤) حديث: " من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف ". أخرجه أبو داود (٢ / ٢٧٩) من حديث أبي سعيد الخدري.