للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّخْيِيرِ فِي أَنْوَاعِهَا كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

وَالْغِنَى الْمُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الإِْنْسَانِ مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّوْعَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ فَاضِلاً عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ الأَْصْلِيَّةِ؛ لأَِنَّ مَا اسْتَغْرَقَتْهُ حَاجَةُ الإِْنْسَانِ كَالْمَعْدُومِ فِي جَوَازِ الاِنْتِقَال إِلَى الْبَدَل.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ تُعْتَبَرُ بِمِلْكِ مَا يُكَفِّرُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِعِلاَجِ مَرَضٍ، وَسَكَنٍ لاَ فَضْل فِيهِ عَلَى مَا يَسْكُنُهُ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ وَيُكَفِّرُ بِهِ، وَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ بِمَا يَمْلِكُهُ مِنْ كُتُبِ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ مُحْتَاجٍ لَهَا، وَلِلْمُرَاجَعَةِ فِيهَا، فَيُبَاعُ ذَلِكَ وَيُكَفِّرُ بِثَمَنِهِ، قَال الْعَدَوِيُّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: وَلاَ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ، وَلاَ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ، لإِِتْيَانِهِ بِمُنْكَرٍ مِنَ الْقَوْل (١) .

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِ الْغِنَى بِالنِّسْبَةِ لأَِدَاءِ الْكَفَّارَةِ، هَل هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ، أَوْ وَقْتُ الأَْدَاءِ؟ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الأَْدَاءِ؛ لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا بَدَلٌ


(١) البدائع ٥ / ٩٧ إلى ١١٢، والدسوقي ٢ / ٤٥٠، والمواق ٤ / ١٢٧، وحاشية العدوي على هامش الخرشي ٤ / ١١٦، ومغني المحتاج ٣ / ٣٦٤ - ٣٦٧، والمهذب ٢ / ١١٥ - ١١٦، وكشاف القناع ٥ / ٣٧٧ - ٣٧٨.