للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ دَفْعَ ضَرَرِ الْمُسْلِمِ، كَكِسْوَةِ الْعَارِي، وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ، وَفَكِّ الأَْسِيرِ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَنْدَفِعِ الضَّرَرُ بِزَكَاةٍ وَلاَ بَيْتِ مَالٍ وَنَحْوِهِمَا، وَإِذَا فَعَل وَاحِدٌ ذَلِكَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنِ الْبَاقِينَ، فَإِنِ امْتَنَعُوا أَثِمُوا جَمِيعًا (١) ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ (٢) وَإِذَا امْتَنَعَ الْغَنِيُّ عَنْ دَفْعِ حَاجَةِ الْمُضْطَرِّ إِلَى الطَّعَامِ أَوِ الشَّرَابِ، كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُضْطَرِّ أَخْذُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ مِنْ صَاحِبِهِ قَهْرًا.

قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا كَانَ عِنْدَ الشَّخْصِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يُمْسِكُ صِحَّتَهُ حَالاً وَمَآلاً إِلَى مَحَلٍّ يُوجَدُ فِيهِ الطَّعَامُ، وَكَانَ مَعَهُ مُضْطَرٌّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَاسَاتُهُ بِذَلِكَ الزَّائِدِ، فَإِنْ مَنَعَ وَلَمْ يَدْفَعْ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ دِيَتَهُ.

وَالْغِنَى الْمُعْتَبَرُ هُنَا فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لِلْغَنِيِّ وَلِمَنْ يَمُونُهُمْ، لَكِنْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ


(١) الاختيار ٤ / ١٧٥ والبدائع ٦ / ١٨٨، وابن عابدين ٥ / ٢١٥، ٢٨٣، ٢٨٤، والدسوقي ٢ / ١٧٤، وحاشية الجمل ٥ / ١٨٣، ومغني المحتاج ٤ / ٢١٢، ٣٠٨، ٣٠٩، و٣ / ١٢٠، وكشاف القناع ٦ / ١٩٨، ٢٠٠.
(٢) حديث: " ما آمن بي من بات شبعان. . . ". أورده المنذري في الترغيب (٣ / ٣٣٤) وقال: رواه الطبراني والبزار، وإسناده حسن.