للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَارِي فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْمِلْكُ فِي الْغَنَائِمِ.

فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مِلْكَ الْغُزَاةِ يَثْبُتُ فِي الْغَنِيمَةِ فَوْرَ الاِسْتِيلاَءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَبِالتَّالِي يَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَسْمُ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، بِحُجَّةِ أَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ فِيهَا بِالْقَهْرِ وَالاِسْتِيلاَءِ فَصَحَّتْ قِسْمَتُهَا، كَمَا لَوْ أُحْرِزَتْ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ (١) .

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمِلْكَ لاَ يَثْبُتُ فِي الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِالاِسْتِيلاَءِ أَصْلاً، لاَ مِنْ كُل وَجْهٍ وَلاَ مِنْ وَجْهٍ، وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ سَبَبُ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَى أَنْ تَصِيرَ عِلَّةً عِنْدَ الإِْحْرَازِ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ حَقِّ الْمِلْكِ أَوْ حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الاِسْتِيلاَءَ إِنَّمَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إِذَا وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّ مِلْكَ الْكَفَرَةِ كَانَ ثَابِتًا لَهُمْ، وَالْمِلْكُ مَتَى ثَبَتَ لإِِنْسَانٍ لاَ يَزُول إِلاَّ بِإِزَالَتِهِ، أَوْ بِخُرُوجِ الْمَحَل مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ حَقِيقَةً بِالْهَلاَكِ، أَوْ بِعَجْزِ الْمَالِكِ عَنِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ فِيمَا شُرِعَ الْمِلْكُ لَهُ. وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (٢) .

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الأَْصْل، إِذَا قَسَمَ الإِْمَامُ


(١) المغني ٨ / ٤٢١ - ٤٢٢، والقوانين الفقهية ص ١٤٧، وروضة الطالبين ٦ / ٣٧٦.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ١٢١.