للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُرَاعَى فِي النِّكَاحِ وِلاَيَةُ الأَْقْرَبِ فَالأَْقْرَبِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا غَابَ الأَْقْرَبُ.

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ - عَدَا زُفَرَ - وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ إِذَا غَابَ الْوَلِيُّ الأَْقْرَبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً جَازَ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَ دُونَ السُّلْطَانِ. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ (١) ، وَهَذِهِ لَهَا وَلِيٌّ، كَمَا قَال الْبُهُوتِيُّ؛ وَلأَِنَّ هَذِهِ وِلاَيَةٌ نَظَرِيَّةٌ. وَلَيْسَ مِنَ النَّظَرِ التَّفْوِيضُ إِلَى مَنْ لاَ يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ؛ لأَِنَّ التَّفْوِيضَ إِلَى الأَْقْرَبِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ أَقْرَب، بَل لأَِنَّ فِي الأَْقْرَبِيَّةِ زِيَادَةَ مَظِنَّةٍ لِلْحِكْمَةِ، وَهِيَ الشَّفَقَةُ الْبَاعِثَةُ عَلَى زِيَادَةِ إِتْقَانِ الرَّأْيِ لِلْمُوَلِّيَةِ. فَحَيْثُ لاَ يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ أَصْلاً سُلِبَتْ إِلَى الأَْبْعَدِ كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ، فَإِذَا غَابَ الأَْبُ مَثَلاً زَوَّجَهَا الْجَدُّ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى السُّلْطَانِ، كَمَا إِذَا مَاتَ الأَْقْرَبُ (٢) .

وَقَال زُفَرُ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الأَْبْعَدُ فِي غِيَابِ الأَْقْرَبِ؛ لأَِنَّ وِلاَيَةَ الأَْقْرَبِ قَائِمَةٌ؛ لأَِنَّهَا ثَبَتَتْ حَقًّا لَهُ صِيَانَةً لِلْقَرَابَةِ، فَلاَ تَبْطُل بِغَيْبَتِهِ.


(١) حديث: " السلطان ولي من لا ولي له ". أخرجه الترمذي (٣ / ٣٩٩) من حديث عائشة وقال: حديث حسن.
(٢) الهداية مع الفتح ٢ / ٤١٥، كشاف القناع ٥ / ٥٥، ومغني المحتاج ٣ / ١٥٧.