للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِمَقْتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل، وَمُشَبَّهٌ عِنْدَهُ بِآكِل الْمَيْتَةِ، وَإِنَّمَا أَقَل الدَّرَجَاتِ أَنْ تُنْقِصَ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ وَالسُّؤَال وَالْجَوَابِ وَالْحِسَابِ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا النَّارُ فِي الْيَبِسِ بِأَسْرَعَ مِنَ الْغِيبَةِ فِي حَسَنَاتِ الْعَبْدِ (١) وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قَال لِلْحَسَنِ: بَلَغَنِي أَنَّك تَغْتَابُنِي؟ فَقَال: مَا بَلَغَ مِنْ قَدْرِك عِنْدِي أَنِّي أُحَكِّمُك فِي حَسَنَاتِي، فَمَهْمَا آمَنَ الْعَبْدُ بِمَا وَرَدَ مِنَ الأَْخْبَارِ فِي الْغِيبَةِ لَمْ يُطْلِقْ لِسَانَهُ بِهَا خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ. وَيَنْفَعُهُ أَيْضًا أَنْ يَتَدَبَّرَ فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا عَيْبًا اشْتَغَل بِعَيْبِ نَفْسِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ (٢) وَمَهْمَا وَجَدَ الْعَبْدُ عَيْبًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ ذَمَّ نَفْسِهِ وَيَذُمَّ غَيْرَهُ، بَل يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّ عَجْزَ غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي التَّنَزُّهِ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ كَعَجْزِهِ، وَهَذَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ. وَإِنْ كَانَ أَمْرًا خُلُقِيًّا فَالذَّمُّ لَهُ ذَمٌّ لِلْخَالِقِ، فَإِنَّ مَنْ ذَمَّ صَنْعَةً فَقَدْ ذَمَّ صَانِعَهَا، قَال رَجُلٌ


(١) حديث: " ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة. . . ". قال العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين: (٣ / ١٤٥ - بهامش الإحياء) لم أجد له أصلاً.
(٢) حديث: " طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس. . . ". عزاه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (٣ / ١٤٥) إلى البزار من حديث أنس وضعف إسناده