للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ. اهـ. وَهَذَا مَعْنَى الاِجْتِهَادِ.

وَنَقَل ابْنُ الْقَيِّمِ قَرِيبًا مِنْ هَذَا عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (١) .

وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ: أَنَّ فُتْيَا الْعَامِّيِّ وَالْمُقَلِّدِ الَّذِي يُفْتِي بِقَوْل غَيْرِهِ لاَ تَصِحُّ،

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَفِي فُتْيَا الْمُقَلِّدِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:

الأَْوَّل: مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الْفُتْيَا بِالتَّقْلِيدِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعِلْمٍ، وَلأَِنَّ الْمُقَلِّدَ لَيْسَ بِعَالِمٍ وَالْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ حَرَامٌ، قَال: وَهَذَا قَوْل جُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ.

الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا أَنْ يَتَقَلَّدَ لِغَيْرِهِ وَيُفْتِيَ بِهِ فَلاَ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِ الْعَالِمِ الْمُجْتَهِدِ، قَال: وَهُوَ أَصَحُّ الأَْقْوَال، وَعَلَيْهِ الْعَمَل (٢) .

وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ ابْنِ الْهُمَامِ: وَقَدِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الأُْصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ، فَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مِمَّنْ يَحْفَظُ أَقْوَال الْمُجْتَهِدِ فَلَيْسَ بِمُفْتٍ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِذَا سُئِل أَنْ يَذْكُرَ قَوْل الْمُجْتَهِدِ عَلَى وَجْهِ الْحِكَايَةِ، فَعُرِفَ أَنَّ مَا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا مِنْ فَتْوَى الْمَوْجُودِينَ لَيْسَ بِفَتْوَى، بَل هُوَ نَقْل


(١) إعلام الموقعين ١ / ٤٦.
(٢) إعلام الموقعين ١ / ٤٦.