للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ، بَل عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ أَيَّهُمَا أَقْرَبَ إِلَى الأَْدِلَّةِ أَوْ قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ فَيَعْمَل بِهِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَنَقَل الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ وَسَبَقَهُ إِلَى حِكَايَةِ الإِْجْمَاعِ فِيهِ ابْنُ الصَّلاَحِ وَالْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي قَوْل غَيْرِ إِمَامِهِ وَكَانَ لَهُ اجْتِهَادٌ فَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ. (١)

وَلَيْسَ لِلْمُفْتِي الْمُقَلِّدِ أَنْ يُفْتِيَ بِالضَّعِيفِ وَالْمَرْجُوحِ مِنَ الأَْقْوَال عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، بَل نَقَل الْحَصْكَفِيُّ أَنَّ الْعَمَل بِالْقَوْل الْمَرْجُوحِ جَهْلٌ وَخَرْقٌ لِلإِْجْمَاعِ (٢) وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنْ لَيْسَ لِلْمُفْتِي الْمُقَلِّدِ الإِْفْتَاءُ بِالضَّعِيفِ وَالْمَرْجُوحِ حَتَّى فِي حَقِّ نَفْسِهِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ أَجَازُوا لَهُ الْعَمَل بِالضَّعِيفِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ. (٣)

١٦ - وَحَيْثُ قُلْنَا: إِنَّ لِلْمُقَلِّدِ الإِْفْتَاءَ بِقَوْل الْمُجْتَهِدِ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُقَلِّدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، قَال الشَّافِعِيُّ: الْمَذَاهِبُ لاَ تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمَحْصُول، وَادَّعَى الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ


(١) شرح المنتهى ٢٢ / ٤٥٨، وإعلام الموقعين ٤ / ٢٣٧، وعقود رسم المفتي لابن عابدين ص١١ والمجموع ١ / ٦٨.
(٢) الدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين ١١ / ٥١، و٢ / ٦٠٢، والدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ١٣٠، و١ / ٢٠، وإعلام الموقعين ٤ / ٢١١، ١٧٧.
(٣) ابن عابدين ١ / ٥١ وحاشية الدسوقي ٤ / ١٣٠.