للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَظْلُومُ فِي صُورَةِ الظَّالِمِ وَعَكْسُهُ (١) ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا مَا نَبَّهَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ بِالأَْعْرَافِ اللَّفْظِيَّةِ لِلْمُسْتَفْتِي، لِئَلاَّ يُفْهَمَ كَلاَمُهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، وَهَذَا إِنْ كَانَ إِفْتَاؤُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْلْفَاظِ كَالأَْيْمَانِ وَالإِْقْرَارِ وَنَحْوِهَا. (٢)

٢٠ - وَالْقَرَابَةُ وَالصَّدَاقَةُ وَالْعَدَاوَةُ لاَ تُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْفَتْوَى كَمَا تُؤَثِّرُ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ أَبَاهُ أَوِ ابْنَهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَوْ شَرِيكَهُ أَوْ يُفْتِيَ عَلَى عَدُوِّهِ، فَالْفَتْوَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الرِّوَايَةِ، لأَِنَّ الْمُفْتِيَ فِي حُكْمِ الْمُخْبِرِ عَنِ الشَّرْعِ بِأَمْرٍ عَامٍّ لاَ اخْتِصَاصَ لَهُ بِشَخْصٍ، وَلأَِنَّ الْفَتْوَى لاَ يَرْتَبِطُ بِهَا إِلْزَامٌ، بِخِلاَفِ حُكْمِ الْقَاضِي.

وَيَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ نَفْسَهُ، قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: لَكِنْ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُحَابِيَ نَفْسَهُ أَوْ قَرِيبَهُ فِي الْفُتْيَا، بِأَنْ يُرَخِّصَ لِنَفْسِهِ أَوْ قَرِيبِهِ، وَيُشَدِّدَ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ فَعَل قَدَحَ ذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِ، وَنَقَل أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلاَحِ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي أَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا نَابَذَ فِي فُتْيَاهُ شَخْصًا مُعَيَّنًا صَارَ خَصْمًا، فَتُرَدُّ فَتْوَاهُ عَلَى مَنْ عَادَاهُ، كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ إِذَا وَقَعَتْ. (٣)


(١) إعلام الموقعين ٤ / ٢٢٩، ٢٠٥.
(٢) المجموع ١ / ٤٦.
(٣) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٠٢، والمجموع للنووي ١ / ٤١، وشرح المنتهى ٣ / ٤٧٢، ٤٧٣، وإعلام الموقعين ٤ / ٢١٠.