للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَا أَفْتَى بِهِ جَعَل لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ سَبِيلاً لِلتَّشْنِيعِ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَال شُرَيْحٌ: أَنَا أَقْضِي لَكُمْ وَلاَ أُفْتِي، وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: يُكْرَهُ لِلْقَاضِي الإِْفْتَاءُ فِي مَسَائِل الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. (١)

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالأَْحْكَامِ وَغَيْرِهَا، مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَفْتِي خُصُومَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ خُصُومَةٌ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَهُ فِيهَا. (٢)

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يُخَاصَمَ فِيهِ، كَالْبَيْعِ وَالشُّفْعَةِ وَالْجِنَايَاتِ.

قَال الْبُرْزُلِيُّ: وَهَذَا إِذَا كَانَ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَوْ جَاءَهُ السُّؤَال مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ فَلاَ كَرَاهَةَ. (٣)

ثُمَّ إِنْ أَفْتَى الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمًا، وَيَجُوزُ التَّرَافُعُ إِلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ حَكَمَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فِي النَّازِلَةِ بِعَيْنِهَا بِخِلاَفِهِ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِحُكْمِهِ (٤) ، وَإِنْ رَدَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِعَدَالَتِهِ، وَلاَ


(١) المجموع للنووي ١ / ٤٢، وإعلام الموقعين ٤ / ٢٢٠، وصفة الفتوى لابن حمدان ص٢٩.
(٢) حاشية ابن عابدين والدر المختار ٤ / ٣٠٢.
(٣) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٤ / ١٣٩.
(٤) إعلام الموقعين ٤ / ٢٢١، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٥٧، وابن عابدين ٤ / ٣٢٦.