للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِمَّا فِدَاءً} (١) . وَلِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ بِرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي بَنِي عَقِيلٍ، وَصَاحِبَ الْعَضْبَاءِ بِرَجُلَيْنِ. (٢)

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْهُ: لاَ مُفَادَاةَ بِالأَْسْرَى، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ مَعُونَةً لِلْكُفْرِ، لأَِنَّ أَسْرَاهُمْ يَعُودُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا، وَدَفْعُ شَرِّ حِرَابَتِهِمْ خَيْرٌ مِنَ اسْتِنْقَاذِ الأَْسِيرِ الْمُسْلِمِ، لأَِنَّهُ إِذَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ كَانَ ابْتِلاَءً فِي حَقِّهِ غَيْرَ مُضَافٍ إِلَيْنَا، وَالإِْعَانَةُ بِدَفْعِ أَسِرْهُمْ إِلَيْهِمْ مُضَافٌ إِلَيْنَا، وَهُوَ مِنْ بَابِ تَحَمُّل الضَّرَرِ الْخَاصِّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٣) . وَفِي الْمُفَادَاةِ تَرْكُ الْقَتْل وَهُوَ فَرْضٌ، وَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إِقَامَتِهِ بِحَالٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِجَوَازِ ذَلِكَ. وَجَاءَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: وَهِيَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَنَّ تَخْلِيصَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ وَلاَ يُتَوَصَّل إِلَى ذَلِكَ إِلاَّ بِطَرِيقِ الْمُفَادَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ تَرْكِ قَتْل أَسَارَى الْمُشْرِكِينَ، وَذَلِكَ


(١) سورة محمد / ٤.
(٢) حديث عمران بن حصين " أن النبي صلى الله عليه وسلم فدى رجلين. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢٦٢ - ١٢٦٣) .
(٣) سورة التوبة / ٥.