للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، أَوْ أَبْدَل النِّصَابَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لِيَقْطَعَ الْحَوْل وَيَسْتَأْنِفَ حَوْلاً آخَرَ، أَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ قَصْدًا لِنَقْصِ النِّصَابِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ، بَل تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُبْدَل مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا مِنَ النُّصُبِ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلاَ يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) } (١) . فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ لِفِرَارِهِمْ مِنَ الصَّدَقَةِ، لأَِنَّهُمْ لَمَّا قَصَدُوا قَصْدًا فَاسِدًا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ مُعَاقَبَتَهُمْ بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ، كَمَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُ لاِسْتِعْجَال مِيرَاثِهِ عَاقَبَهُ الشَّرْعُ بِالْحِرْمَانِ. (٢)

وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْحِيلَةُ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ، وَلَوْ فَعَل ذَلِكَ فِي أَوَّل الْحَوْل لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَظِنَّةٍ لِلْفِرَارِ، وَكَذَلِكَ لاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ لَوْ أَتْلَفَهُ لِحَاجَتِهِ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالشَّيْخَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لأَِنَّهُ نَقَصَ قَبْل تَمَامِ حَوْلِهِ، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا إِذَا أَتْلَفَهُ


(١) سورة القلم / ١٧ - ٢١.
(٢) ابن عابدين ٢ / ٣٧، ومواهب الجليل ٢ / ٤ ط دار الفكر بيروت، وشرح الزرقاني ٢ / ١٢٠، والمغني مع الشرح الكبير ٢ / ٥٣٤ ط دار الكتاب العربي، ومطالب أولي النهى ٢ / ٦٤.