للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَتْ لِرَجُلٍ فَرَغَ لِغَيْرِهِ عَنْهَا بِمَالٍ، أَجَابَ بِأَنَّهَا لِمَنْ قَرَّرَهُ السُّلْطَانُ، لاَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ، إِذِ الْفَرَاغُ لاَ يَمْنَعُ التَّقْرِيرَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا أَوْ بِعَدَمِهَا الْمُوَافِقِ لِلْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ كَمَا حَرَّرَهُ الْعَلاَّمَةُ الْمَقْدِسِيُّ وَأَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ عَنِ الْوَظِيفَةِ بِمَالٍ فَلِلْمَفْرُوغِ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْمَال لأَِنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ حَقٍّ مُجَرَّدٍ وَهُوَ لاَ يَجُوزُ، وَقَال: صَرَّحُوا بِهِ قَاطِبَةً، وَمَنْ أَفْتَى عَلَى خِلاَفِهِ فَقَدْ أَفْتَى بِخِلاَفِ الْمَذْهَبِ، لِبِنَائِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَهُوَ خِلاَفُ الْمَذْهَبِ.

وَلَكِنْ أَفْتَى كَثِيرٌ بِاعْتِبَارِهِ وَعَلَيْهِ فَيُفْتَى بِجَوَازِ النُّزُول عَنِ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ، وَقَال الْعَلاَّمَةُ الْعَيْنِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: لَيْسَ لِلنُّزُول شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْعُلَمَاءَ وَالْحُكَّامَ مَشَوْا عَلَى ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، وَاشْتَرَطُوا إِمْضَاءَ النَّاظِرِ لِئَلاَّ يَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ (١) .

وَمَا يُقَال فِي الْفَرَاغِ عَنِ الْوَظِيفَةِ، يُقَال مِثْلُهُ فِي الْفَرَاغِ عَنْ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ الأَْرَاضِيِ - وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كِرَابِ الأَْرْضِ، وَكَرْيِ أَنْهَارِهَا - سُمِّيَتْ مَسْكَةً، لأَِنَّ صَاحِبَهَا صَارَ لَهُ مَسْكَةٌ بِهَا بِحَيْثُ لاَ تُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ بِسَبَبِهَا، وَتُسَمَّى أَيْضًا مِشَدَّ مَسْكَةٍ، لأَِنَّ الْمِشَدَّ مِنَ الشِّدَّةِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ، أَيْ قُوَّةُ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٨٦، ٤ / ١٤ البحر الرائق ٥ / ٢٥٤ الفتاوى الخيرية ١ / ١٥٩.