للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا تَقَابَل فِي الْمَرْأَةِ حِلٌّ وَحُرْمَةٌ غَلَبَتِ الْحُرْمَةُ، وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ كَمَا يَقُول ابْنُ نُجَيْمٍ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الشَّيْءِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (١) .

قَال السُّيُوطِيُّ: وَلِهَذَا امْتَنَعَ الاِجْتِهَادُ فِيمَا إِذَا اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمَةٌ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ مَحْصُورَاتٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ أَصْلُهُنَّ الإِْبَاحَةَ حَتَّى يَتَأَيَّدَ الاِجْتِهَادُ بِاسْتِصْحَابِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ النِّكَاحُ فِي صُورَةِ غَيْرِ الْمَحْصُورَاتِ رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ لِئَلاَّ يَنْسَدَّ بَابُ النِّكَاحِ عَلَيْهِ (٢) .

وَفِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ: إِذَا طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا ثَلاَثًا ثُمَّ نَسِيَهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ مُتْنَ كُلُّهُنَّ إِلاَّ وَاحِدَةً لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ (٣) .

وَصَرَّحَ ابْنُ نُجَيْمٍ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إِنَّمَا هِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ فِي الْمَرْأَةِ سَبَبٌ مُحَقِّقٌ لِلْحُرْمَةِ، فَلَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَلِذَا قَالُوا لَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعَةٍ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي وُصُول اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِهَا لَمْ تَحْرُمْ، لأَِنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا (٤) .


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ٦٧. والمبسوط ١٠ / ١٨٥.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي ٦١.
(٣) المسوط للسرخسي ١٠ / ٢٠٣.
(٤) الأشباه والنظائر لابن نجيم ٦٨.