للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْفَرَعَةَ لاَ تُسَنُّ وَلاَ تُكْرَهُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ فِي الْحَدِيثِ: لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ هُوَ نَفْيُ كَوْنِهَا سُنَّةً، لاَ تَحْرِيمُ فِعْلِهَا وَلاَ كَرَاهَتُهُ، فَلَوْ ذَبَحَ إِنْسَانٌ وَلَدَ النَّاقَةِ لِحَاجَةٍ أَوْ لِلصَّدَقَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَكْرُوهًا، وَأَيَّدُوا نَسْخَ السُّنِّيَّةِ بِأَمْرَيْنِ:

أَوَّلُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ بِالإِْسْلاَمِ، فَإِنَّ إِسْلاَمَهُ كَانَ سَنَةَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَهِيَ السَّنَةُ السَّابِعَةُ مِنَ الْهِجْرَةِ.

ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْفَرَعَ كَانَ مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُمْ عَلَيْهِ إِلَى حِينِ نَسْخِهِ (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ إِلَى أَنَّ الْفَرَعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ (٢) . وَاسْتَدَلُّوا بِجُمْلَةٍ مِنَ الأَْحَادِيثِ مِنْهَا: حَدِيثُ نُبَيْشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: نَادَى رَجُلٌ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ، وَبِرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَل، وَأَطْعِمُوا، قَال: إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: فِي كُل سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَل لِلْحَجِيجِ ذَبَحْتَهُ فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ (٣) . وَحَدِيثُ عَائِشَةَ


(١) المغني ٨ / ٦٥٠ - ٦٥١.
(٢) المجموع ٨ / ٢٣٤ - ٢٤٥.
(٣) حديث نبيشه " نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . " أخرجه أبو داود (٣ / ٢٥٥) ، وكذا الحاكم (٤ / ٢٣٥) مختصرًا وصححه ووافقه الذهبي.