للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ وَرُهِنَ بِمُؤَجَّلٍ يَحِل بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ، لَمْ يَجُزْ إِلاَّ إِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ، وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا.

وَلَوْ رُهِنَ مَا لاَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ فَحَدَثَ قَبْل الأَْجَل مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ - كَحِنْطَةٍ ابْتَلَتْ وَتَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا - لَمْ يَنْفَسِخِ الرَّهْنُ، بَل يُبَاعُ وُجُوبًا وَيُجْعَل ثَمَنُهُ رَهْنًا (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ إِصْلاَحُهُ بِالتَّجْفِيفِ كَالْعِنَبِ وَالرُّطَبِ، أَوْ لاَ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ كَالْبِطِّيخِ وَالطَّبِيخِ.

ثُمَّ إِنْ كَانَ مِمَّا يُجَفَّفُ، فَعَلَى الرَّاهِنِ تَجْفِيفُهُ، لأَِنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ حِفْظِهِ وَتَبْقِيَتِهِ، فَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ كَنَفَقَةِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يُجَفَّفُ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ كَانَ حَالًّا، أَوْ يَحِل قَبْل فَسَادِهِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لاَ يَحِل قَبْل فَسَادِهِ، جُعِل ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، سَوَاءٌ شُرِطَ فِي الرَّهْنِ بَيْعُهُ أَوْ أُطْلِقَ، لأَِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لأَِنَّ الْمَالِكَ لاَ يُعَرِّضُ مِلْكَهُ لِلتَّلَفِ وَالْهَلاَكِ، فَإِذَا تَعَيَّنَ حِفْظُهُ فِي بَيْعِهِ حُمِل عَلَيْهِ مُطْلَقُ الْعَقْدِ، كَتَجْفِيفِ مَا يَجِفُّ، وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ أَنْ لاَ يُبَاعَ فَلاَ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ شَرَطَ مَا يَتَضَمَّنُ فَسَادَهُ وَفَوَاتَ الْمَقْصُودِ،


(١) أسنى المطالب ٢ / ١٤٦.