للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - الاِبْتِدَاءُ بِالسَّلاَمِ سُنَّةٌ، وَرَدُّ السَّلاَمِ فَرْضٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (١) وَابْتِدَاءُ السَّلاَمِ أَفْضَل مِنْ رَدِّهِ (٢) ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ: إِذَا مَرَّ الرَّجُل بِالْقَوْمِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلٌ، لأَِنَّهُ ذَكَّرَهُمُ السَّلاَمَ (٣) .

٦ - وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا: هَل الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ أَفْضَل أَمِ الْفَرْضُ الْكِفَائِيُّ؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَل مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، لأَِنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ فُرِضَ حَقًّا لِلنَّفْسِ، فَهُوَ أَهَمُّ عِنْدَهَا وَأَكْثَرُ مَشَقَّةً، بِخِلاَفِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ حَقًّا لِلْكَافَّةِ، وَالأَْمْرُ إِذَا عَمَّ خَفَّ وَإِذَا خُصَّ ثَقُل.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - مِنْهُمْ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَل مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، لأَِنَّ فَاعِلَهُ يَسُدُّ مَسَدَّ الأُْمَّةِ، وَيُسْقِطُ الْحَرَجَ عَنْهَا بِأَسْرِهَا، وَبِتَرْكِهِ يَأْثَمُ


(١) سورة النساء / ٨٦.
(٢) دليل الفالحين ١ / ٢٩٦، ٣ / ٣٣٤، ومغني المحتاج ٤ / ٢١٤، وفتح المبين شرح الأربعين ص٢٦٨ - ٢٧٠، وحاشية ابن عابدين ١ / ٨٥، والمجموع للنووي ١ / ٢٢، وقواعد الأحكام ١ / ٥٥.
(٣) حديث ابن مسعود: " إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم. . . " أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٦ / ٤٣٢) مرفوعًا وموقوفًا، وضعف المرفوع.