للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا وَبَيْعِهَا لِمَنْ يَكْسِرُهَا وَلاَ يَغُشُّ بِهَا، فَإِنْ أُمِنَ ذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الاِتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ.

فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ غِشُّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ كُرِهَ الْبَيْعُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَفْسَخَ بَيْعَهُ إِنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ نَحْوِهِ، فَهَل يَمْلِكُ الثَّمَنَ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ وُجُوبًا، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالزَّائِدِ عَلَى فَرْضِ بَيْعِهِ مِمَّنْ لاَ يَغُشُّ؟ أَقْوَالٌ ثَلاَثَةٌ، وَرَجَّحَ الأَْخِيرَ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ (١) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمْ مَنْعُ التَّعَامُل فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ إِذَا بِيعَتْ بِمِثْلِهَا أَوْ بِخَالِصِ جِنْسِهَا، أَمَّا شِرَاءُ سِلْعَةٍ أُخْرَى بِهَا فَقَال أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إِنْ كَانَ الْغِشُّ مِمَّا لاَ قِيمَةَ لَهُ جَازَ الشِّرَاءُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ، فَفِي جَوَازِ إِنْفَاقِهَا وَجْهَانِ (٢) .

وَعَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ، وَالثَّانِيَةُ التَّحْرِيمُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالأَْوْلَى أَنْ يُحْمَل كَلاَمُ أَحْمَدَ فِي الْجَوَازِ عَلَى الْخُصُوصِ فِيمَا ظَهَرَ غِشُّهُ وَاصْطُلِحَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمُعَامَلَةَ بِهِ جَائِزَةٌ، إِذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ اشْتِمَالِهِ عَلَى جِنْسَيْنِ لاَ غَرَرَ فِيهِمَا، فَلاَ يُمْنَعُ


(١) الخرشي مع حاشية العدوي ٣ / ٥٢.
(٢) شرح الجلال على المنهاج مع حاشية القليوبي ٢ / ١٧٠، والمهذب ١ / ٢٧٢.