للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَمْسَ مُؤَقَّتَةٌ بِمَوَاقِيتَ مَعْلُومَةٍ، لاَ تَصِحُّ قَبْلَهَا، وَيَفُوتُ أَدَاؤُهَا بِخُرُوجِهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهَا أَوَّل أَوْقَاتِهَا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الْوُجُوبِ عِنْدَ دُخُول الْوَقْتِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الْوُجُوبِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِشَرْطِ أَنْ يَعْزِمَ فِي أَوَّل الْوَقْتِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ، أَيْ إنَّ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ لأَِدَائِهَا فَقَطْ، فَيَجِبُ حِينَئِذٍ أَدَاؤُهَا فَوْرًا وَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا، وَلاَ يَأْثَمُ مَا بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَإِنْ مَاتَ فِيهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (١) وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَلأَِنَّ دُخُول الْوَقْتِ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ حِينَ وُجُودِهِ، وَلأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، فَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَصَحَّتْ بِدُونِ نِيَّةِ الْوَاجِبِ كَالنَّافِلَةِ، وَتُفَارِقُ النَّافِلَةَ فَإِنَّهَا لاَ يُشْتَرَطُ لَهَا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ تَرْكُهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى فِعْلِهَا، وَهَذِهِ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهَا، كَمَا تُؤَخَّرُ صَلاَةُ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَمَا تُؤَخَّرُ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ عَنْ وَقْتِهَا إذَا كَانَ مُشْتَغِلاً بِتَحْصِيل شُرُوطِهَا (٢) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَجِبُ الصَّلاَةُ فَوْرَ دُخُول


(١) سورة الإسراء / ٧٨.
(٢) المغني ١ / ٣٧٣، ونهاية المحتاج ١ / ٣٥٨ - ٣٧٤.