للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ أَحْمَدُ الْفَيْءَ فَقَال: فِيهِ حَقٌّ لِكُل الْمُسْلِمِينَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إلاَّ لَهُ فِي هَذَا الْمَال حَقٌّ (١) .

وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى أَنَّ مَال الْفَيْءِ مَوْقُوفٌ عَلَى اجْتِهَادِ الأَْئِمَّةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَهْل الْفَيْءِ هُمْ أَهْل الْجِهَادِ وَمَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ، لأَِنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ لِحُصُول النُّصْرَةِ وَالْمَصْلَحَةِ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ صَارَتْ بِالْخَيْل وَالْجُنْدِ وَمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَيَكُونُ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، لأَِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الأَْئِمَّةِ فِي الْمَال الْمَبْعُوثِ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ، أَنَّهُ يَكُونُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً أَنَّ الإِْمَامَ إنَّمَا أَشْرَكَ قَوْمَهُ فِي الْمَال الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ لأَِنَّ هَيْبَتَهُ بِسَبَبِ قَوْمِهِ، فَكَانَتْ شَرِكَةً بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا هَيْبَةُ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ بِمَا نُصِرَ مِنَ الرُّعْبِ لاَ بِأَصْحَابِهِ، كَمَا قَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ (٢) لِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ لِنَفْسِهِ (٣) .


(١) أثر عمر: " فلم يبقَ أحد من المسلمين. . . ". تقدم ف١١.
(٢) حديث: " نصرت بالرعب مسيرة شهر ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٤٣٦) ومسلم (١ / ٣٧٠) من حديث جابر واللفظ للبخاري.
(٣) بدائع الصنائع ٧ / ١١٦، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٩٠، وروضة الطالبين ٦ / ٣٥٤، والمغني لابن قدامة ٦ / ٤١٤، ٤٨٥، وكشاف القناع ٣ / ١٠٠ - ١٠١، والقوانين الفقهية ص١٠١، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص١٣٦.