للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلاَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَالِيًّا أَوْ غَيْرَ مَالِيٍّ، لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ، وَلأَِنَّ هَذَا لاَ يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالأَْقْوَى فَلاَ يَثْبُتُ بِمَا دُونَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِقَوْل امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ وَالْعَدَالَةِ، لأَِنَّ هَذَا مَوْضُوعٌ يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ، كَشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فِي الرَّضَاعِ، وَلِمَا رَوَاهُ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ (١) . وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ صَاحِبَيْهِ وَمَنْ مَعَهُمَا فِي قَبُول قَوْل الْقَابِلَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ مَازَال قَائِمًا وَجَحَدَ الزَّوْجُ الْوِلاَدَةَ فَشَهِدَتْ بِوُقُوعِهَا، لِتَأْيِيدِهَا بِقِيَامِ الْفِرَاشِ، وَيَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُ الْوَلَدِ بِشَرْطِ أَنْ يُولَدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، وَلأَِنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لاَ يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ (٢) .


(١) حديث حذيفة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة ". أخرجه الدارقطني (٤ / ٣٣٢) وذكر أن في إسناده رجلاً مجهولاً، ونقل الزيلعي في نصب الراية (٤ / ٨٠) عن ابن عبد الهادي أنه قال: " حديث باطل ".
(٢) فتح القدير ٣ / ٣٠٦ وما بعدها، جواهر الإكليل ٢ / ٢٣٩، ومغني المحتاج ٤ / ٤٤٢، ٤٤٣، والمغني لابن قدامة ٧ / ٥٨١، ٦١٠، ٩ / ١٥٥ وما بعدها.