للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَرْهُونُ فِي يَدِ عَدْلٍ (١) ، فَهَل يَكُونُ لِلْعَدْل وِلاَيَةُ قَبْضِهِ؟

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ أَنَّ لِلْعَدْل أَنْ يَقْبِضَ الْمَرْهُونَ، وَيَكُونُ قَبْضُهُ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ، وَلاَ فَرْقَ، لأَِنَّ كُلًّا مِنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ قَدْ لاَ يَثِقُ بِصَاحِبِهِ، فَاحْتِيجَ إلَى الْعَدْل، وَكَمَا يَتَوَلَّى الْعَدْل الْحِفْظَ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ، وَبِهَذَا قَال الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ.

وَلأَِنَّ الْعَدْل نَائِبٌ عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَكَانَ قَبْضُهُ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْوَكِيل فِي سَائِرِ الْعُقُودِ.

ثُمَّ إنَّ مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّ يَدَ الْعَدْل كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَنَّهُ وَكِيلُهُ بِالْقَبْضِ: أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ مَتَى شَاءَ أَنْ يَفْسَخَ الرَّهْنَ وَيُبْطِل يَدَ الْعَدْل وَيَرُدَّهُ إلَى الرَّاهِنِ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إبْطَال يَدِ الْعَدْل، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَدْل وَكِيلٌ لِلْمُرْتَهِنِ (٢) .


(١) العدل: هو من رضي الراهن والمرتهن في أن يكون المرهون بيده، وقد سمي بذلك لعدالته في نظرهما. انظر الدر المختار ٦ / ٥٠٢ مع حاشية رد المحتار عليه، وجاء في م ٧٠٥ من مجلة الأحكام العدلية " العدل هو الذي ائتمنه الراهن والمرتهن وسلماه وأودعاه الرهن ".
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ١٣٧، ١٤١ وما بعدها، ورد المحتار ٦ / ٥٠٣، (ط. الحلبي) وشرح المجلة للأتاسي ٣ / ١٩٨ وما بعدها، والأم ٣ / ١٦٩، ومغني المحتاج ٢ / ١٣٣، وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني ٢ / ٢١٦، والتسهيل لابن جزي ١ / ٩٧، وتفسير القرطبي ص ١٢١٨ (ط. الشعب) ، والمغني ٤ / ٣٥١ (ط. دار المنار) ، وكشاف القناع ٣ / ٢٨٢، (مط. السنة المحمدية) .