للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَاهِبِ، وَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ قَبْل نَقْدِ الثَّمَنِ، وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَقُّ فِي حَبْسِهِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ نَقْدِ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ، أَوْ قَبْلَهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلاً، فَذَهَبُوا فِي الْحَالَةِ الأُْولَى إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْقَبْضِ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي حَبْسِهِ، وَذَهَبُوا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ، وَصَحَّحُوا الْقَبْضَ بِدُونِ إذْنِهِ (١) .

وَعَلَّلُوا اشْتِرَاطَ الإِْذْنِ فِي الأُْولَى بِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ الْحَقُّ فِي حَبْسِ الشَّيْءِ، فَلاَ يَجُوزُ إسْقَاطُ حَقِّهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، بِخِلاَفِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَقُّ فِي حَبْسِهِ، وَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهِ، وَاسْتَحَقَّ قَبْضَهُ، فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ الْمَقْبُوضُ مِنْهُ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الإِْذْنُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْعَطَايَا كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ، لِبَقَاءِ مِلْكِ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ دُونَهَا (٢) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الإِْذْنُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ وَفِي الْعَطَايَا كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. فَإِنْ تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ أَوِ الْمَوْهُوبُ أَوِ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوِ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٢٣ وما بعدها، ٦ / ١٣٨، ورد المحتار ٤ / ٥٦٢ ط. الحلبي، وروضة الطالبين ٣ / ٥١٧، ٥ / ٣٧٦، ومغني المحتاج ٢ / ٧٣، ٤٠٠.
(٢) المنتقى للباجي ٦ / ١٠٠، وفتح العلي المالك ٢ / ٢٤٣، والشرح الكبير للدردير ٤ / ١٠١.