للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(خَامِسًا) الْمُضَارَبَةُ:

٤٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال إلَى الْعَامِل، لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ انْعَقَدَتْ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَال مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَالْعَمَل مِنَ الطَّرَفِ الآْخَرِ، وَلاَ يَتَحَقَّقُ الْعَمَل إلاَّ بَعْدَ خُرُوجِ رَأْسِ الْمَال مِنْ يَدِ رَبِّ الْمَال إلَى الْعَامِل (١) ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ اشْتِرَاطَ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَال إلَيْهِ حَال الْعَقْدِ أَوْ فِي مَجْلِسِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَسْتَقِل الْعَامِل بِالْيَدِ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ الْمَال (٢) ، وَعَلَى ذَلِكَ: لَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ أَنْ يَكُونَ الْمَال بِيَدِهِ لِيُوَفِّيَ مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِل فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ (٣) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ إلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ قَبْضُ الْعَامِل لِرَأْسِ الْمَال (٤) ، قَال الْبُهُوتِيُّ: فَتَصِحُّ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ رَبِّهِ، لأَِنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْعَمَل (٥) .


(١) رد المحتار ٨ / ٢٨٣ ط الحلبي، وشرح المجلة للأتاسي ٤ / ٣٧٠ وما بعدها، ومغنيي المحتاج ٢ / ٣١٠، وروضة الطالبين ٥ / ١١٨ وما بعدها، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ٣ / ٥١٧، وما بعدها، والمغني ٥ / ٢٥ ط. دار المنار.
(٢) مغني المحتاج ٢ / ٣١٠.
(٣) البدائع ٦ / ٨٤، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٠.
(٤) المغني ٥ / ٢٥.
(٥) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٣٢٧.