للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَوَاءٌ قَبَضَهُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ؟

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْمَبِيعَ يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا قَبَضَهُ انْتَقَل الضَّمَانُ إلَيْهِ بِالْقَبْضِ، لأَِنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ انْتِقَال مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ يَقْتَضِي إلْزَامَ الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَفَاءً بِالْعَقْدِ، لأَِنَّ الْمِلْكَ لاَ يَثْبُتُ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ وَسِيلَةً إلَى الاِنْتِفَاعِ بِالْمَمْلُوكِ، وَلاَ يَتَهَيَّأُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ إلاَّ بِالتَّسْلِيمِ، فَكَانَ إيجَابُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي إيجَابًا لِتَسْلِيمِهِ لَهُ ضَرُورَةً.

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ مَا يَكُونُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنَ الْمَبِيعَاتِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ، وَبَيْنَ مَا لاَ يَكُونُ فِيهِ، بِحَيْثُ وَافَقُوا الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي اعْتِبَارِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْل الْقَبْضِ، وَدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ.

وَاخْتَلَفُوا فِي التَّفْصِيلاَتِ وَالتَّفْرِيعَاتِ فِي حَالَةِ هَلاَكِ الْمَبِيعِ، ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلاً، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَبَعًا، وَهُوَ الزَّوَائِدُ الْمُتَوَلِّدَةُ عَنِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ أَصْلاً، فَلاَ يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَهْلِكَ كُلَّهُ وَإِمَّا أَنْ يَهْلِكَ بَعْضُهُ، وَكُل ذَلِكَ لاَ يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَهْلِكَ قَبْل الْقَبْضِ، وَإِمَّا أَنْ يَهْلِكَ بَعْدَهُ، وَالْهَلاَكُ فِي هَذِهِ الْحَالاَتِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ بِفِعْل الْبَائِعِ، أَوْ بِفِعْل الْمُشْتَرِي، أَوْ بِفِعْل