للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يُمْنَعُ فَضْل الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأَُ. (١)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يُقَاتِل الْمُمْتَنِعَ عَنْ بَذْل فَضْل الْمَاءِ لِيَأْخُذَهُ، لَكِنْ خَصَّ الْحَنَفِيَّةُ الْقِتَال هُنَا بِأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ سِلاَحٍ كَمَا تَقَدَّمَ. (٢)

وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ وَاضْطُرَّ نَاسٌ إلَى الْمَاءِ لِشُرْبِهِمْ وَسَقْيِ دَوَابِّهِمْ وَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَ هَذَا الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُقَال لِصَاحِبِ الْمَاءِ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لِهَؤُلاَءِ النَّاسِ بِالدُّخُول، وَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَ بِنَفْسِك، فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنَ الدُّخُول، فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُ بِالسِّلاَحِ لِيَأْخُذُوا قَدْرَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلاَكُ عَنْهُمْ وَعَنْ دَوَابِّهِمْ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى الْبِئْرِ فَأَبَوْا، وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ دَلْوًا فَأَبَوْا، فَقَالُوا لَهُمْ، إنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا كَادَتْ تُقْطَعُ فَأَبَوْا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال: هَلاَّ وَضَعْتُمْ فِيهِمُ السِّلاَحَ (٣) .


(١) حديث: " لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلام ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٣١) ومسلم (٣ / ١١٩٨) من حديث أبي هريرة.
(٢) البدائع ٦ / ١٨٨، ومنح الجليل ٤ / ٢٦ - ٢٨، ومغني المحتاج ٢ / ٣٧٥، والمهذب ١ / ٤٣٥، ومنتهى الإرادات ٢ / ٤٦١.
(٣) البدائع ٦ / ١٨٩، وابن عابدين ٥ / ٢٨٣، والهداية ٤ / ١٠٤.