للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِثْلاً بِمِثْلٍ وَيَعْنِي بِالْقَدْرِ الْكَيْل فِيمَا يُكَال وَالْوَزْنَ فِيمَا يُوزَنُ (١) ، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْكَيْل وَالْوَزْنُ (٢) .

وَرُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ وَأَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَا وُزِنَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا، وَمَا كِيل فَمِثْل ذَلِكَ، فَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، (٣) وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُمَا عِلَّةُ الْحُكْمِ، لِمَا عُرِفَ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الاِسْمِ الْمُشْتَقِّ يُنْبِئُ عَنْ عِلِّيَّةِ مَأْخَذِ الاِشْتِقَاقِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: الْمَكِيل وَالْمَوْزُونُ مِثْلاً بِمِثْلٍ بِسَبَبِ الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ مَعَ الْجِنْسِ، وَاَلَّذِي يَدُل عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَل رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَال: أَكُل تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَال إنَّا نَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ، فَقَال: فَلاَ تَفْعَل، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَقَال: فِي الْمِيزَانِ مِثْل ذَلِكَ، (٤) أَيْ


(١) المبسوط ١٢ / ١١٣.
(٢) الاختيار ٢ / ٣٠.
(٣) حديث أنس: " ما وزن مثل بمثل. . . ". أخرجه الدارقطني (٣ / ١٨) .
(٤) حديث أبي سعيد وأبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١٣ / ٣١٧) ومسلم (٢ / ١٢١٥) .