للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ (١)

يَقُول الْكَاسَانِيُّ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَاءٌ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ وَاضْطُرَّ قَوْمٌ إلَيْهِ وَخَافُوا الْهَلاَكَ يُقَال لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ بِالدُّخُول وَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَ بِنَفْسِك، فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنَ الدُّخُول فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُ بِالسِّلاَحِ لِيَأْخُذُوا قَدْرَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلاَكُ، وَالأَْصْل فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى الْبِئْرِ فَأَبَوْا، وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ دَلْوًا فَأَبَوْا، فَقَالُوا لَهُمْ: إنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا كَادَتْ تُقْطَعُ فَأَبَوْا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال: هَلاَّ وَضَعْتُمْ فِيهِمُ السِّلاَحَ (٢) .

قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: دَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمُوسِرِينَ، كَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ.

وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: يَضْمَنُ مَنْ تَرَكَ تَخْلِيصَ شَيْءٍ مُعَرَّضٍ لِلْهَلاَكِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ بِيَدِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ جَاهِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (٣) .


(١) حديث: " أيما رجل مات ضياعًا. . . ". أورده الموصلي في الاختبار (٤ / ١٧٥) ولم يعزه إلى أي مصدر، ولم نهتد إلى من أخرجه
(٢) أثر عمر: أخرجه يحيى بن آدم في كتاب الخراج (ص ١١٢) .
(٣) البدائع ٦ / ١٨٩، والاختيار ٤ / ١٧٥، وجواهر الإكليل ١ / ٢١٥، ومغني المحتاج ٤ / ٢١٢، ٣٠٩، ومنتهى الإرادات ٣ / ٤٠١ - ٤٠٢.