للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ غَيْرُ مُتَوَالٍ لاَ يُشْعِرُ بِالإِْعْرَاضِ، وَالْقَلِيل مِنَ الْفِعْل الَّذِي يُبْطِل كَثِيرُهُ إِذَا تَعَمَّدَهُ بِلاَ حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ (١) .

وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَفَرَّقُوا فِي صَلاَةِ النَّفْل بَيْنَ الْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي أَثْنَائِهَا وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِهَا، فَكَرِهُوا الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي أَثْنَائِهَا لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِهِ، وَجَوَّزُوا الْقِرَاءَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي أَوَّلِهَا؛ لأَِنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لاَ يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ (٢) .

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى فَسَادِ الصَّلاَةِ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا، قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا أُمِّيًّا لاَ يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ إِلاَّ مِنْهُ أَوْ لاَ، وَذَكَرُوا لأَِبِي حَنِيفَةَ فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَمْل الْمُصْحَفِ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَتَقْلِيبَ الأَْوْرَاقِ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ تَلَقَّنَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَلَقَّنَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُول عِنْدَهُ، وَعَلَى الأَْوَّل يَفْتَرِقَانِ.

وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حَافِظًا لِمَا قَرَأَهُ وَقَرَأَ بِلاَ حَمْلٍ فَإِنَّهُ لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ مُضَافَةٌ إِلَى حِفْظِهِ لاَ إِلَى تَلَقُّنِهِ مِنَ


(١) مغني المحتاج ١ / ١٥٦، مطالب أولي النهى ١ / ٤٨٣ - ٤٨٤، شرح روض الطالب ١ / ١٨٣.
(٢) جواهر الإكليل ١ / ٧٤.