للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَظَاهِرٌ أَنَّ الاِلْتِمَاسَ مِنَ الْمُقْرِضِ، كَاقْتَرِضْ مِنِّي، يَقُومُ مَقَامَ الإِْيجَابِ، وَمِنَ الْمُقْتَرِضِ، كَأَقْرِضْنِي، يَقُومُ مَقَامَ الْقَبُول، كَمَا فِي الْبَيْعِ (١) .

وَقَال النَّوَوِيُّ: وَقَطَعَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ بِأَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ الإِْيجَابُ وَلاَ الْقَبُول، بَل إِذَا قَال لِرَجُلٍ: أَقْرِضْنِي كَذَا، أَوْ أَرْسَل إِلَيْهِ رَسُولاً، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَال، صَحَّ الْقَرْضُ، وَكَذَا لَوْ قَال رَبُّ الْمَال: أَقْرَضْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ ثَبَتَ الْقَرْضُ (٢) .

وَالشَّافِعِيَّةُ مَعَ قَوْلِهِمْ - فِي الأَْصَحِّ - بِاشْتِرَاطِ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول لِصِحَّةِ الْقَرْضِ، كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، اسْتَثْنَوْا مِنْهُ مَا سَمَّوْهُ بِـ " الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ "، فَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ الصِّيغَةَ أَصْلاً (٣) ، قَال الرَّمْلِيُّ: أَمَّا الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ، فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ صِيغَةٌ، كَإِطْعَامِ جَائِعٍ، وَكِسْوَةِ عَارٍ، وَإِنْفَاقٍ عَلَى لَقِيطٍ، وَمِنْهُ أَمْرُ غَيْرِهِ بِإِعْطَاءِ مَا لَهُ غَرَضٌ فِيهِ، كَإِعْطَاءِ شَاعِرٍ أَوْ ظَالِمٍ، أَوْ إِطْعَامِ فَقِيرٍ، وَكَبِعْ هَذَا وَأَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ بِنِيَّةِ الْقَرْضِ (٤) .

وَاتَّفَقَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى


(١) أسنى المطالب شرح روض الطالب ٢ / ١٤١.
(٢) روضة الطالبين ٤ / ٣٢.
(٣) تحفة المحتاج ٥ / ٤٠، وأسنى المطالب ٢ / ١٤١.
(٤) نهاية المحتاج ٤ / ٢١٨.